منذ فترة ما ... وصلت اليّ هذه القصة القصيرة ...
كتبتها ( عزيزة العذوبي ) اختي العزيزة اسما و مضمونا ... أو ( روووووووووومى ) كما اعتدت ان اناديها ...
القصة منشورة على مدونتها بالفعل ... ولكني أؤثر نشرها مرة أخرى ... ربما لأستمتع بها شخصيا لما تحدثه من تأثير عميق في نفسي ...
تقول القصة :
تقلبت في فراشها ..
-اليوم موعدنا..لا تتأخري
-سارة برنار أخرى أو لعلك مارلين مورنو
كانت عتامة قد خطت على الوجه، رفعت يدها، وأنزلتها، كانت ساقها ممتدة الآن على الفراش، بلا مضايقات، كنت معها..
- لا أقصد سامحيني
مسحت وجهها بمنديل ورقي، كانت حبات من العرق تظهر فوق مساحة الجبهة، كان الضيق يملأ المكان، أمسكتها من يدها، كنت أجري وهي لا تستطيع ملاحقتي..
قالت:
- أيتها النشيطة..أنا كسولة
توقفت وأنا أتأملها، قلت:
- أتذكرين تلك المعلمة؟ ماذا كانت تقول؟
تعالت فجأة ضحكاتها، تلفت حولي، كان البعض ينظر حولنا، اندفعت أقول:
- خذي جسدي، وأعطني وجهك يا نورا
عدت أضرب بظهر يدي على كتفها، تقلبت على فراشها، كان وجهها الآن يستند على الحاشية مبتسمًا.
- وجهي لا..خذي أنتِ جسدي، وأعطني جسدك..
كان الفصل يزدحم بالصمت حينئذ، تقلبت في فراشها مرة أخرى، وعادت تتقلب، كانت تتقلب الآن كثيرًا.
- أنا أشارك ساقي الضحك..ها أنا أضحك..لا تخافي على جسدك..إنه لكِ..ولي أنا هذه الساق
- وقوف..تعال صوت المعلمة صداحًا
تَرجلتْ عن السرير وهي تقف على رأس الغرفة الواسعة كمارد خرج لتوه من مصباحه، تبع وقفتها إنحاءة خجلة، قالت:
- شبيكِ لبيكِ أميرتي..عبدك بين أيديكِ..
- انتن هناك، نورا..ما الذي يضحككِ
تعاقبت ضحكاتنا، أمسكت معدتي من الإنهاك..ومن عيوني طفرت دموعي..نظرت إلي واجمة..ليتك كنت أنا، أقله كنتُ سافرت وغامرت وصنعت تاريخًا لنفسي..
- نورا ما الذي تقولين..سبق وأن ناقشنا هذا مرارًا..خذي كل شيء يخصني..نحن روح واحدة يجمعها جسدان..
ابتسمت كاشفة عن صف من الماس المزدان بالفرح..لا تنسي موعدنا اليوم
**********
أتعرفون ما أجمل ما في الحياة..أن تعيشها بحلوها ومرها..
أن تغتنم فرصها..
أن تسعى لقهر جمودها..
أن تعيش لتصنع حاضرك كما حلمت به..
أن تعيش لتخلد ذكرى لكل من تحب..
أن تعيش لتنقل رسالتك كاملة دون نقص..
أن تعيش..
أن تعيش..
أن تعيش..
هذا ما كانت نورا تنادي به..في سنوات عمرها العشرين..والتي انتهت قبيل عرضها المسرحي الأخير “أمنيات الحلم الأخير”..
وداعًا صديقتي الوحيدة..وليبقى الحب بيننا وإلى الأبد
عزيزة العذوبي30/3/2008م1:34 صباحًا
الكاتبة برعت دائما فيما يصطلح عليه الادباء ب ( وصف اللحظة ) ..
وهو احد الفنون النادرة في الأدب ... وفيه يقوم الكاتب ببناء قصته كاملة معتمدا على لقطة او مشهد قصير جدا ...
كما برعت الكاتبة أيضا في العديد من أنواع الأدب الأخرى ...
للوهلة الأولى .. يصعب تحديد كينونة اذا كان النص قصة قصيرة ... أم خاطرة ...
فالنص يحوي بعضا من خواصهما معا ...
فافتقاده للترتيب التقليدي للقصة : مقدمة او استهلال ... وسط او عقدة ... خاتمة او حل ... يجعل منه خاطرة ...
لكن الدمج بين اكثر من مشهد معا ... هو أحد خواص القصة القصيرة عادة ... ويندر استخدامه فى الخواطر التى تقتصر عادة على مشهد واحد ...
وهو ايضا أحد عناصر الجمال في هذا النص ...
الجمل الحوارية أيضا بين البطلتين أوحت بتناغمهما الروحي بشدة ... وكانها صادرة من شخص واحد ..
بمعنى أن الكاتبة نجحت في أن تنقل إلينا طبيعة العلاقة بين الفتاتين بنجاح تام .. ولمست قلوبنا جميعا بشفافية الصداقة بينهما ..
استخدمت الكاتبة الكثير من التعبيرات الشاعرية مثل : ازدحم بالصمت ..
والذي يوحي أكثر بطابع نفسي للازدحام ... وكأنما النفس مثقلة .. وليس الازدحام ( حول ) ... بل ( داخل ) ..
ختام الحوار بين الصديقتين بابتسامة أخيرة توحي بذكريات عميقة ...
أدبيا كان هذا رائعا حقا ... ومفيدا جدا في نقل الصورة المطلوبة ... والأحاسيس أيضا ..
وبعد ذلك التحول لأسلوب الراوي .. والذي يحكي مشاعره من منظور شخصي بدا كما لو كان يحكى مشاعرنا نحن ...
بشكل شخصي أحب هذه القصة كثيرا ... وأظن أن هناك الكثير سيحبونها أيضا ...
روووووووووووومي العزيزة ... شكرا جزيلا ....
استمري ..