الاثنين، ١ ديسمبر ٢٠٠٨

قراءة أدبية ل ( سارة محمد ) و ( قصتها ) ..


يقولون أن لحظات الميلاد من أروع اللحظات التي يمكن أن يشهدها الانسان ...


ليس فقط ميلاد الانسان ... بل أحيانا ميلاد حب ... ميلاد صداقة جديدة ..




اليوم حضرت لحظة ميلاد مبدعة ..




ربما لم اضف جديدا بوصفي هذا ... فلطالما اتصفت العزيزة ( سارة محمد ) بكونها اكثر من مجرد مبدعة ...


فهي - والحق يقال - عبقرية تمشي على قدمين ...


فإلى جوار اتقانها الشديد للعديد من اللغات .. ومناقشتها الجيدة لفروع صعبة من العلوم و الفنون و الأدب .. نجدها اليوم أمسكت بالقلم لتقتحم مجالا جديدا ...


الابداع الادبي ..


وعلى الرغم من ابداعاتها العلمية التي طالما أثارت الاعجاب .. والتي تشي قطعا بمستوى كتاباتها الادبية .. لكن في الواقع جاءت خواطرها رائعة معبرة حقا ...



لم أجد أفضل من أن انشر خاطرتها الاولى ... لنستمتع معا بلحظة ميلاد مبدعة ..


تقول الخاطرة :






بعدك قتل فيها حبك
و أبدل فرحها هما
و حبها غضبا
غضبا منك
و كل ما يذكرها بك
لماذا بعدت عن من أحبتك؟
و أعطت لك قلبها و حرمته الكثيرين
لا لم توهم نفسها
لقد رأت منك أمارات الحب
فوضعت قلبها بين كفيك
لكنك أحكمت عليه أصابعك
و غرست فيه أظافرك
جرحته
أدميته
ومع ذلك لم تتألم بل نظرت لك بذهول




أنك الرجل الذي ظنت أنه سيعنى بقلبها
و يغدق عليه من قلبه الرقيق -عفوا الذي ظنت أنه كذلك في يوم من الأيام-الرفق!
علمتها أن تكره, و قد كانت ترجوك لها معلما في الحب
لم تقل آه التي فطر الله النساء على قولها حين يكسرهن الرجال بقسوتهم
و كل هذا فقط
فقط لأنها كانت مذهولة




صديقتي .. المطر الذي يبلل شعري و العواصف التي تضرب في معطفي و البرد الذي يجعل جسدي يرجف
و بضعة دموع تبقيت لهذه الوقفة من بعد يوم بكاء طويل
كل هذا شاهد عليّ و أنا أقف أمام شاهدك
سأنتقم لكِ منه
لكن كيف؟
كيف و أنا أحبه؟
و هو يحبني ...!!!








الحق يقال ان كلماتها جميلة حقا ... وتحمل قدرا عظيما من الاحاسيس الجياشة ...


موهبة رائعة .. وتنسيق جمالي يستحق التقدير ..


الصور و المواقف و التعبيرات جميلة كاللوحات التى يبدعها عظماء الفن ..


دمتِ لنا مبدعة يا سارة ...


نتمنى لكِ جميعا كل التوفيق ...

الثلاثاء، ١٤ أكتوبر ٢٠٠٨

موجة ... من امواج الذكريات ...



لم اعتد كتابة و تسجيل خواطري الشخصية أبدا ...


لطالما آمنت بأن الحياة تستمر دوما دون أن تتوقف لأي سبب ... فما الداعي للأحزان ان لم تكن لمجرد الخبرات ؟؟؟ ... وما الميزة من ان نتذكر ما يحزننا ؟؟؟


حتى الأفراح و أوقات السعادة بعد فترة تصبح مجرد ذكريات .... مثلها كمثل الأوقات الحزينة أيضا ...




أقول دائما :



الكآبة رفيقة الوحدة ... والذكريات خبز الوحيد ...



وحيث أننى من الوحيدين دوما ... لذا احتفظ بالكثير من الذكريات ... التى اعيش عليها كثيرا ... فمنها استمد الشجاعة لكي أحيا يوما جديدا ...


وبناء على العديد من الطلبات من اشخاص اعزاء يشاركونني بعضا من حياتى ... سأشارككم و هم بعضا مما سجلت منذ سنوات من خواطري ...


كتبت هذه الخواطر يوما كان شباب قلبي فى اوجه ..


هي اوقات شعرت فيها بشىء غامض يمكن ان اطلق عليه لفظ : السعادة ...


او هي ذكرى ايام قد انتهت و اعيش في مثل هذا اليوم ذكراها ...


في النهاية اؤثر أن اضعها كما كتبتها ذلك اليوم البعيد ... على الرغم من اننى حينما اتأملها بعين ناقدة ... اجدها مليئة بالأخطاء و العيوب ...


ولكننى لا أزال اراها جميلة ... مفعمة بالذكريات ... ولا سيما ان تأثرت فيها بالقرآن الكريم و كلمات الله الجليلة ...




قال قلبي ذات يوم :



يســـــــألونك عن الروح قل هى من امر ربى ....

اما انا فاقول قضيت يوما فى الجنة مع حبى ...



فيها ما لا عين رأت ...

اجمــل ما عين رأت ...



ما لا أذن سمعت ...

صوتها صمتت له الملائكة و باعجاب انصتت ..



مالا خطر على قلب بشر ..

يوم لا يتكرر فى قدرِ الفٍ و الف قدر ..




منذ ان استيقظت الشمس حتى نعست و نامت ...

وجهها الجميل دهشت له الملائكة و على وجوهها هامت ...




يا له من جمال ربانى ابدعت فيه و ادهشتنا ...

مما صنعته ؟ سبحانك اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا ...



تتكلم فتستمع لها الملائكة بانشداه ...

لعلها تتعلم سحر هذا الصوت الآسر فتصغى بانتباه ...



قضيت معها اعذب ساعات حياتى ...

لا اظن اننى سارى اجمل حتى نهاية ايامى ..



اصوم الدهر صيام عاشق عشق روحك عشقين ...

عشق روحك وعشق روحى التى عشقت روحك مرتين ...



احج اليك ولو فى اقاصى الارض اطوف ...

فحبك الذ واشهى من كل ما فى الجنة من دانية قطوف ...



لا ادخر فى عشقك كل لحظة و ثانية ...

فكل حياتى زكاة ادفعها لك لعلنى اعيش لحبك ثانية ...



فلما انتهى اليوم قلت يا ليتنى كنت ترابا ...

عاشقا خالدا اصلى صلاة عشقك فى الحب محرابا...





للأسف اذكر يوما أن ضاق البعض بها ... وظن أنها - لا سمح الله - تمس الذات الألهية بشكل ما ... لكنها مجرد كلمات مستوحاة من كلمات الله ...

وراقت أيضا للبعض ... ورأوا فيها جمالا اضفته كلمات الله ..




وفى النهاية تظل - بالنسبة لى - ......... مجرد ذكريات ...

الأربعاء، ١٧ سبتمبر ٢٠٠٨

وينهمر المطر .... قراءة فى خواطر ( دينا يسري ) ..


قد يقضى الانسان سنوات و سنوات على شبكة الانترنت ... يقرأ كلمات واسماء ومشاعر و افكار بعض الشخصيات ... حتى ليوشك ان يعرفهم جيدا ... رغم انهم لا يعرفونه ...

ورغم انه لم ... وربما لن ... يلتقي بهم من قبل قط ...!!!

كم يكون جميلا ان تتعرف الى صديق او صديقة ... ثم تجد انك تعرفه فعلا منذ سنوات ...

هذا يجعل للتعارف طعما خاصا ...

حدث لي هذا الموقف منذ فترة ... عندما تعرفت على العزيزة ( دينا يسري ) ..

والتى احببت قراءة خواطرها و ردودها فى منتديات عديدة ... ثم تشرفت بالتعرف عليها على الماسنجر ...

وهناك استمتعت كثيرا بقراءة خاطرة لها ... من اروع و اجمل خواطرها ...

ساضعها هنا كتحية لصديقتى الجديدة ... القديمة ...

وكوردة اهديها لكل من اعرفهم ... وقد لا يعرفونني ..



تقول الخاطرة :




ينهمر المطر..


وأنا على عتبات السهر ..

أنتظر وحدي عودتك ...

أنتظر مجيئك ... كما كنت دوما أنثى يملؤها الصخب ...

أنثى حين تحضر يسبق عطرها حضورها ...

وحين ترحل يبقى أثرها ...

فتذيق عيناي طعم الأرق ...



يحل الفجر..

ويبكي الشتاء دموعا في صورة مطر..

يبكي على أيام جمعتنا وأيام فرقتنا في لحظة غضب ...

وأنا وحدي أنتظر عودتك على أحر من الجمر..

ياامرأة أشعلت في قلبي الحرائق وأذابت صفحات عمري على الورق..

ياامرأة عشقها الليل وغرد لها القمر..أكرهك فنسيانك محال وعشقك قدر.



حبيبتي وينهمر المطر..

وأقتلك أنا على مجمع من البشر ...

وأتركك جسدا جريحا يغرقه المطر ...

أقتلك حتى أرتاح منك وأتباهى أمام الجميع بموت حبك..

ولكنك عبثا ترفضين الموت داخلي..

ترفضين الرحيل عن أنفاسي.. عن وجداني..

ترفضين أن أمحو حروف أسمك من كتاباتي ...

تسكنين قلبي بنبضك الحاني ...



في الليل...

ألمس ملامح وجهك الدافيء على وسادتي يداعب برفق أنّاتي ...

وفي الصباح..

ترقصين مع أول رشفة من فنجاني ...

تتمايلين كالفراش بين تبغي ودخاني ...

ومع أخر رشفة تجلسين بجانبي تصافحين نظرتي ...

تبتسمين في خبث وكالشيطان تبعثري دخاني في الهواء ...

بصورة أشبه بالعزف على الأوتار ...



آه..أشعر بوجع يغتالني ...

يغتال صدري ولا أدري أنك تقتلين الأحلام بداخلي ...

وحين تنتهين من محاولات قتلي المتكررة تتأملين فنجان قهوتي في صمت مخيف..

تتركيني في ذهول انظر اليك وتبدئين في سرد حماقاتي ...



حبيبتي..

سامحيني..

ومن أجلي عودي ...

عرفت ذنبي وأمام الليل أقدم عذري ... مع ورود حمراء تحبينها حتى تصفحي عني

فأشتاقك في ساعة سحر..

ووحدي مازلت أنتظر..

ومازال ينهمر المطر..






الخاطرة جميلة جدا ... ولمست في بشكل شخصي الكثير و الكثير ...

الأسلوب جيد ... ومعبر ..

اكثر ما يلفت النظر فيه هو ذلك الحشد من المشاعر ... والذي اجادت الكاتبة مزجه بجميل الحروف .. ولطيف التعبيرات ...

فبداية الخاطرة جسدت الشعور بالانتظار الممزوج بشىء من اللهفة ...

ثم اضافت لمحة من الضيق و فقدان الأمل .. فتبدأ بتذكر ما مضى ...

وتبدأ بعد ذلك بالغزل الاقرب الى الكره ... في امواج متجانسة رغم ثورتها ...

العجيب انها تعبر عن قمة الحب ...


الجميل ايضا التعبير الجيد عن طول الانتظار ... والذي تمثل في رحلة الخواطر عبر الفجر ... والليل ...

وربطها بانهمار المطر ... الذي بدا دلالة عميقة على الاستمرار ...

وعلى حب اسطورى ... لم ... ولن يموت ....


مهند محمود

17 سبتمبر 2008






دينا يسري .... شكرا جزيلا ...

سعيد بصداقتك ... التى اتمنى ان تدوم ... كما ينهمر المطر ... وسيظل ينهمر ..

الأربعاء، ٣ سبتمبر ٢٠٠٨

كلمات سامية ...


قرأت هذه القصة على مدونة امي الاغلى و الاعز أ/ سامية ابو زيد ...

قصة قصيرة هي ... رائعة جدا .. تمس شغاف القلب ...


لم استطع رغم محاولتى المضنية ان اكتب نقدا عنها ... فمن المستحيل ان ينتقد الطالب استاذه مهما علا شأنه ..


سأضعها هنا ... فقط لافتخر بانتسابى الى أمى الحبيبة ...

وليستمتع بها كل من يمر من هنا ... باحثا عن قطعة فائقة الجودة من الفن الرفيع ...


تقول القصة :




بروجيكتور

بقلم: سامية أبو زيد

فى تلك الحجرة المنعزلة، أطفأت الأنوار لتنير هى حياتى بلقطات متقطعة على حائط الوهم.

أدرت البروجكتور القابع بجوارى، ذلك الشاهد الصامت والخل الوفى الذى لا ينطق ولايصدر صوتا سوى تكات متفرقة غير منتظمة.لكم أحبه رغم قدمه، بل وأفضله على تلك الأفلام السينيمائية وشرائط الفيديو والقنوات الفضائية والأفلام الأونلاين والتورنت وكل تلك المظاهر العصرية التى تحمل بطياتها إيقاع العصر المجنون.

أحيانا يختلط على الأمر فلا أدرى هل أحبه من أجلها أم أننى أحبه بالفعل، وأن المزايا التى أراها فيه هل هى حقيقية أم أننى أخلعها عليه؟هو ليس كالسينما يعرض لك فيلما كاملا بحلوه ومره، بل يعرض لك شرائح تضعها دون أن يزعجك بأزيز الشريط الدائر كما تفعل ماكينة عرض الفيلم السينيمائى.

لقطات متقطعة هى أبدع ما قمت بالتقاطه لها وهى تضحك أو تزيح خصلة من شعرها، أو تشير بإصبعها فى إنذار ضاحك ألا ألتقط لها صورة وهى تلعق آخر نقطة آيس كريم بقعر الكأس مستعينة بنفس الإصبع المذكور.

يمكنك أن تتوقف ما شئت من الوقت عند كل لقطة، وأن تملأ عينيك منها حتى تشبع روحك، يمكنك أن تتجاهل فواصل الصور الباكية والغاضبة رغم تزاحمها فى ذهنك، وأن تسرح مثلى فى خيال لذيذ مع تلك اللقطات المثالية، وترتشف ما شئت من حلاوة الذكرى.

ليت حياتى كانت مجرد بروجيكتور أضع فيه ما شئت من الشرائح التى تجمعنا، وأنفى كل تلك اللقطات الواقعية المؤلمة.
فأمسح من ذاكرتى لحظة فراقها، ويوم زفافها، وأن أنسى يوم وفاتها، يوم أن بكيت سرا كى لا يعلم أحد كم كنت أحبها فيجرح سيرة ينبغى أن تظل عاطرة.


انتهت الشرائح ولم تنته الذكرى، ولمست بيدى البروجيكتور فوجدته ساخنا فأشفقت عليه وأطفأته، لأغرق لثوان كالدهر فى الظلام وأدير مفتاح النور الزائف، بعد أن غاب نور حياتى وظلاله بغياب آخر لمحة منها.


امى الاغلى و الأحب ...

أبقاكِ الله لي دوما ....

الاثنين، ٢٥ أغسطس ٢٠٠٨

قراءة نقدية لخاطرة ( أمنيات الحلم الأخير ) لعزيزة العذوبي ...



منذ فترة ما ... وصلت اليّ هذه القصة القصيرة ...


كتبتها ( عزيزة العذوبي ) اختي العزيزة اسما و مضمونا ... أو ( روووووووووومى ) كما اعتدت ان اناديها ...


القصة منشورة على مدونتها بالفعل ... ولكني أؤثر نشرها مرة أخرى ... ربما لأستمتع بها شخصيا لما تحدثه من تأثير عميق في نفسي ...


تقول القصة :




تقلبت في فراشها ..


-اليوم موعدنا..لا تتأخري


-سارة برنار أخرى أو لعلك مارلين مورنو


كانت عتامة قد خطت على الوجه، رفعت يدها، وأنزلتها، كانت ساقها ممتدة الآن على الفراش، بلا مضايقات، كنت معها..


- لا أقصد سامحيني


مسحت وجهها بمنديل ورقي، كانت حبات من العرق تظهر فوق مساحة الجبهة، كان الضيق يملأ المكان، أمسكتها من يدها، كنت أجري وهي لا تستطيع ملاحقتي..


قالت:


- أيتها النشيطة..أنا كسولة


توقفت وأنا أتأملها، قلت:


- أتذكرين تلك المعلمة؟ ماذا كانت تقول؟


تعالت فجأة ضحكاتها، تلفت حولي، كان البعض ينظر حولنا، اندفعت أقول:

- خذي جسدي، وأعطني وجهك يا نورا


عدت أضرب بظهر يدي على كتفها، تقلبت على فراشها، كان وجهها الآن يستند على الحاشية مبتسمًا.

- وجهي لا..خذي أنتِ جسدي، وأعطني جسدك..


كان الفصل يزدحم بالصمت حينئذ، تقلبت في فراشها مرة أخرى، وعادت تتقلب، كانت تتقلب الآن كثيرًا.

- أنا أشارك ساقي الضحك..ها أنا أضحك..لا تخافي على جسدك..إنه لكِ..ولي أنا هذه الساق

- وقوف..تعال صوت المعلمة صداحًا


تَرجلتْ عن السرير وهي تقف على رأس الغرفة الواسعة كمارد خرج لتوه من مصباحه، تبع وقفتها إنحاءة خجلة، قالت:


- شبيكِ لبيكِ أميرتي..عبدك بين أيديكِ..
- انتن هناك، نورا..ما الذي يضحككِ

تعاقبت ضحكاتنا، أمسكت معدتي من الإنهاك..ومن عيوني طفرت دموعي..نظرت إلي واجمة..ليتك كنت أنا، أقله كنتُ سافرت وغامرت وصنعت تاريخًا لنفسي..

- نورا ما الذي تقولين..سبق وأن ناقشنا هذا مرارًا..خذي كل شيء يخصني..نحن روح واحدة يجمعها جسدان..


ابتسمت كاشفة عن صف من الماس المزدان بالفرح..لا تنسي موعدنا اليوم

**********

أتعرفون ما أجمل ما في الحياة..أن تعيشها بحلوها ومرها..
أن تغتنم فرصها..
أن تسعى لقهر جمودها..
أن تعيش لتصنع حاضرك كما حلمت به..
أن تعيش لتخلد ذكرى لكل من تحب..
أن تعيش لتنقل رسالتك كاملة دون نقص..
أن تعيش..
أن تعيش..
أن تعيش..

هذا ما كانت نورا تنادي به..في سنوات عمرها العشرين..والتي انتهت قبيل عرضها المسرحي الأخير “أمنيات الحلم الأخير”..

وداعًا صديقتي الوحيدة..وليبقى الحب بيننا وإلى الأبد
عزيزة العذوبي30/3/2008م1:34 صباحًا






الكاتبة برعت دائما فيما يصطلح عليه الادباء ب ( وصف اللحظة ) ..

وهو احد الفنون النادرة في الأدب ... وفيه يقوم الكاتب ببناء قصته كاملة معتمدا على لقطة او مشهد قصير جدا ...


كما برعت الكاتبة أيضا في العديد من أنواع الأدب الأخرى ...




للوهلة الأولى .. يصعب تحديد كينونة اذا كان النص قصة قصيرة ... أم خاطرة ...

فالنص يحوي بعضا من خواصهما معا ...


فافتقاده للترتيب التقليدي للقصة : مقدمة او استهلال ... وسط او عقدة ... خاتمة او حل ... يجعل منه خاطرة ...


لكن الدمج بين اكثر من مشهد معا ... هو أحد خواص القصة القصيرة عادة ... ويندر استخدامه فى الخواطر التى تقتصر عادة على مشهد واحد ...



وهو ايضا أحد عناصر الجمال في هذا النص ...



الجمل الحوارية أيضا بين البطلتين أوحت بتناغمهما الروحي بشدة ... وكانها صادرة من شخص واحد ..


بمعنى أن الكاتبة نجحت في أن تنقل إلينا طبيعة العلاقة بين الفتاتين بنجاح تام .. ولمست قلوبنا جميعا بشفافية الصداقة بينهما ..



استخدمت الكاتبة الكثير من التعبيرات الشاعرية مثل : ازدحم بالصمت ..

والذي يوحي أكثر بطابع نفسي للازدحام ... وكأنما النفس مثقلة .. وليس الازدحام ( حول ) ... بل ( داخل ) ..



ختام الحوار بين الصديقتين بابتسامة أخيرة توحي بذكريات عميقة ...

أدبيا كان هذا رائعا حقا ... ومفيدا جدا في نقل الصورة المطلوبة ... والأحاسيس أيضا ..




وبعد ذلك التحول لأسلوب الراوي .. والذي يحكي مشاعره من منظور شخصي بدا كما لو كان يحكى مشاعرنا نحن ...






بشكل شخصي أحب هذه القصة كثيرا ... وأظن أن هناك الكثير سيحبونها أيضا ...



روووووووووووومي العزيزة ... شكرا جزيلا ....


استمري ..





الجمعة، ١٥ أغسطس ٢٠٠٨

قراءة نقدية لقصة ( بطحة ..! ) لجومانا حمدي ..


ترددت كثيرا قبل خطوة انشاء مدونة ..

لم أرى دوما في أفكاري أهمية تستحق العرض ...

ولكن تحت اصرار العديد من اصدقائي الأعزاء و تشجيعهم قررت أن لا بأس ...



ولذلك قررت أن يكون أول ما أنشره هنا هو شكر بسيط للعزيزة
جومانا حمدي التي صممت المدونة بالكامل .. وبذلت كل الجهد في تجميع الصور و المكونات ..


ويكون هذا الشكر على هيئة قراءة نقدية بسيطة لقصة قصيرة اعجبتنى .. فكتبت هذه القراءة منذ زمن ...




تقول القصة :






يحكي عن سليمان الحكيم انه قال لعزرائيل :

(( تسببت في غربة أحد رعيتي .. ونأيه عن وطنه , لماذا نظرت إليه غاضبا عندما قابلته , لماذا أرجفته ؟))

قال عزرائيل

(( لم أنظر إليه غاضبا , إنما نظرت إليه متعجبا , لأن الله أمرني أن اقبض روح هذا الرجل في الهند , فلما رايته تعجبت .. كيف سيصل للهند وأنا مأمور بقبض روحه بعد لحظات ؟"

من قصة حكاية دالة لجمال الغيطاني ..

****
" بس يا ابن الكلب منك له " ..


يقولها عم محمد البقال وهو يركض خلف الصغار بعصاه يهشهم كما يهش الراعي بعض الخراف الضالة وهم يضحكون في سخرية , يقترب من المرأة المنكمشة علي نفسها تهتز في رعب فيربت علي كتفيها ، فتتناول حجراً من الأرض وتقذف به الرجل في رأسه فتشجها ويسيل دمه ..!

***
- وبعدين فيك يا عم محمد .. ها تفضل كل شوية تحوش عن الست دي تقوم تضربك بالحجرة تعورك .


أقولها وأنا اربط رأسه بعد أن وضعت عليها مطهر لدي بالصيدلية ، فيجيب وهو يتحسس الرباط بيديه :

- النصيب يا دكتورة .. النصيب ..


أهز رأسي وأنا أناوله كوبا من الماء :

- بس ربنا مقالش كده كل يوم والتاني تبطح نفسك ولا هي بتبطل ولا العيال بيبطلوا .. أنت مستغني عن راسك يا راجل يا طيب ولا إيه ..؟


يبتسم في وجهي ويقوم ، يتحرك ، يتوكأ علي عصاه ..فأنظر لمساعدتي قائلة :

- أمره غريب الراجل ده أوي ..


تقول مساعدتي وهي تضحك في سخرية :

- الحب يعمل اكتر من كده ..

- حب ؟ حد يحب واحدة مجنونة سبحان الله ..


قلتها وأنا أتأمله يختفي ...... ويتضاءل ..!

***

- الحقي يا دكتورة ..


يقولها أحد الصبية الصغار فأنهض من خلف مكتبي الصغير وأصيح قائلة

- إيه ؟ .... في إيه .؟

- عم محمد " المقطوطة " ضربته في دماغه وقع علي الأرض ..


ركضت في سرعة أتأمل الرجل الساقط علي الأرض والدماء تنزف من رأسه بلا توقف ، فصحت قائلة :

- حد يطلب الإسعاف بسرعة ..

***

رقد الرجل في المستشفي الحكومي مغمض العينين يئن في صمت ، فتح عينيه ونظر لي :

- إيه بقه آخرة اللي بيحصل ده يا عم محمد ...أنت راجل محترم ليه بتعمل في روحك كده ؟؟

- العيال .. العيال منهم لله بيضايقوها ..


اضرب كفا بكف وأنا أقول :

- طب مهي بتسبهم وتضربك أنت تفسر لي ده بإيه .؟


يتأوه وهو يقول :


- معلش نصيبي .. لازم أدافع عنها ليها مين غيري .. ربنا يسامحها ويصبرنا ..

- نصيبك إيه وهباب إيه ولما تضربك مرة تموت فيها .. يبقي إيه الحل ؟

- يبقي قدري وعمري انتهي لحد كده ..



هززت راسي في يأس .. وقلت له :

- أنت حر ..


قلتها وتحركت من أمامه و قد نفذ صبري وشعرت بغضب عارم وقلت لنفسي : "وما شأني أنا "


***

- " ناس مجنونة صحيح " ..


- بتقولي حاجة يا دكتورة .؟


نظرت لمساعدتي وتنهدت وأنا أضع الأدوية الجديدة بالرفوف وتابعت قائلة :

- آه .. إيه حكاية الست المجنونة دي ؟

- المقطوطة ؟


استفزني الاسم الذي اسمعه منذُ يوم جئت إلي هنا فقلت في دهشة :

- مقطوطة يعني إيه ؟


تحركت مساعدتي وجذبت مقعداً ، وجلست عليه قائلة :

- أبدا كلنا سميناها كده عشان بتعض الإيد اللي بتساعدها ببساطة .. عم محمد يعني محدش غيره بيحن عليها وتقوم ضرباه بالحجر معوراه ..

- آه يعني زى القطط تاكل وتنكر ..


- بالظبط ..


همهمت قائلة :

- اممم .. بردوه يعني إيه حكايتها ؟

- لا دي معرفهاش ومظنش حد يعرفها ,, صحينا في يوم في الحارة لقيناها موجودة تمشي ورا العيال الصغيرة فبيخافوا منها ويجروا وراها يقوم عم محمد ضاربهم تقوم ضرباه كده يعني ..


قلت مستفهمة :

- تكونش تقرب له ؟

- لا مظنش ..

- امال بيدافع عنها كده ليه ؟


تضحك مساعدتي قائلة :

- من مبدأ القط يحب خناقه ..


أهز رأسي متفهمة وأقول :

- وهو ده خناق بعقل ..


ولا أدري لما لحظتها بالذات تذكرت احدي المقولات الشهيرة للسيد المسيح :

(أحبوا أعدائكم , باركوا لاعنيكم , أحسنوا الى مبغضيكم , وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم)
***
حينما ذهبت لزيارة هذا الرجل العجوز وجدته جالسا في صمت فما إن رآني حتى هش وبش قائلا :

- دكتورة ..

- أزيك يا عم محمد أحسن النهاردة ؟


هز رأسه بمعني نعم قائلا :

- الحمد لله امتى بقه اخرج ؟

- ومستعجل ليه أنا بفكر أوصيهم يسيبوك كام يوم كمان ..


قال في فزع :

- لا .. لا عاوز اخرج ..

- يا عم محمد مستعجل علي إيه بس انت مستعجل تطلع تاخد لك بطحة جديدة . ؟ .. ولا إيه ؟


أحنى رأسه في حزن فقلت له :

- متزعلش يا عم محمد أقولك إيه رأيك أنا ليا صديق شغال في مستشفى أمراض عقلية ما دام الست دي غالية عليك ممكن نحطها هناك تتعالج ..

- ما يداوي سقم النفوس غير اللي عالم بيها وخالقها يا دكتورة ..


تنهدت ولم أجب فتابع قائلا :

- لكن خلاااص يا دكتورة معدش في العمر بقية .
***
ومات بعدها عم محمد بأيام ..

ويقال أن تلك المرأة المجنونة لم تعد تفارق قبره وأنها تبكيه ليل نهار وتجمع الأحجار تضعها بجوار قبره كما لو كانت كلبه الأليف ..! والغريب أن الكل نسي اسم "مقطوطة" التي كانوا يلقبونها به.. وأصبحوا ينادونها (مكلوبة) .!

***






اتمنى أن تروق لكم القصة كما راقت لي ....




كتبت قراءة بسيطة عنها ايضا :





التعريف بالكاتب :

هي تكتب منذ تعلمت الكتابة ..

ولذلك فالمتابع لاعمالها على الانترنت سيُدهَش من العدد الفلكي للأعمال التي تحمل اسم الكاتبة .. وسيلاحظ أيضا التطور المتزايد في أسلوبها ..


وعلى الرغم من عدم نشر أعمالها مطبوعة بعد .... تشي هذه الأعمال بموهبة حقيقية عمادها القراءة الأدبية الواعية ... والاهتمام بأعمال العديد من الكتاب اللامعين ..

وتعدنا بكاتبة موهوبة لها أسلوبها المميز ...


*************


تدور الفكرة العامة للنص حول الوفاء ... الذي صار عملة نادرة لا يتداولها أحد ... ويبدو أن تداولها قد صار محرما ...

أو – للأسف – مثير للدهشة ...!!


كذلك يمس النص بشكل عابر فكرة القدر و ما يحمله من مفاجآت لأبطال النص .. كما نرى من افتتاحية العمل ..

ويمكن القول أيضا بأنه في مجمله لمحة إنسانية لمعاني تتمنى الكاتبة – ونحن أيضا – ألا تختفي من عالمنا ....


**************



الفقرة الأولى من النص عبارة عن قصة شهيرة من التراث العربي .. لطالما أعجبت من قرأها ..

لها ذلك المغزى ذو الطابع العقائدي ، والذي ينص على القدر وما يخفيه لنا .. والذي أحيانا ما يكون مفاجئا لنا ...

ملاحظة :

اقتبس الكاتب ( سومرست موم ) هذه القصة في نصه الشهير : ( موعد في سمارة ) ..



تبدأ الفقرة الثانية من خلال مشهد سريع ستدور حوله القصة ... والتي تتمحور حول شخصيتين أولاهما هي الطيبة المتمثلة في كهل طيب القلب يعطف بلا مقابل عطفا بلا حدود لدرجة أن يلومه الناس ...


الشخصية الثانية هي شخصية الراوية ، وهي الطبيبة المتأملة لما حدث ... والتي تمثل الضمير بشكل ما ...



الفقرة الثالثة وهي الخاتمة ... وتظهر فيها وجهة نظر الكاتبة للمعنى الحقيقي للوفاء ... وان بدا للناس قسوة في البداية ...

ولكن – في النهاية – كانت هذه القسوة الصادرة من عقل بسيط ... هي حقا قمة الوفاء ..



*****************



القصة رائعة حقا من رأيي .. الشخصي و العملي ..

لمست القصة وترا هاما في النفس .. بل عزفت مقطوعة رائعة على مجموعة من الأوتار ..

بداية بفكرة القدر وما تدري كل نفس بأي أرض تموت .. وكما تدري تظل هذه الفكرة تشغل الإنسان طوال ما كتب له أن يعيش ...

ومن منا لا تشغله فكرة الموت وما له من رهبة ؟؟

كما ظهرت براعة الاستهلال في اختيار البداية التي أراها موفقة حيث يتم الربط بينها و بين الختام بشكل جيد يستخدمه السينمائيون عادة بكثرة ...




استخدام الكاتبة لصفة كبر السن لبطل القصة جاء جيدا حقا ... فجاء هذا بمعنيين مهمين .. أولهما أن الوفاء صفة قديمة متأصلة في النفس ... وكأن الكاتبة تقول : ابحثوا في النفس عن الوفاء فهو موجود فيها ... حتى و إن غطاه غبار الأنانية و النفعية ...


المعنى الآخر جاء للدلالة على اتجاه هذه الصفة نحو الانقراض .. وكأنها موجودة عند كبار السن فقط .. كما لو أن العالم الآن لم يعد يفهمها ...


استخدمت الكاتبة ضمير المتكلم على لسان الراوية بشكل جديد قليل الاستخدام بهذا الشكل نوعا هذه الأيام ...

فالمعتاد حاليا من الكتاب الشباب أن يأتي استخدام هذا الأسلوب على لسان البطل .. أو على لسان شخصية خارجية منفصلة تماما تحكي الأحداث ...

فجاء على لسان الشخصية الثانية .. وبشكل ربط بين الحوار في النص و بين الدور الذي تلعبه الشخصية الثانية ( الضمير ) ...



جاءت الأحداث في إطار إنساني تمركز في الحوار بين الشخصيتين ( ولا أعني الكهل و الطبيبة ) ... بل أعني الشخصيتين الأصليتين في رأيي ( العطاء بلا حدود ) و ( الضمير ) على الترتيب ...

التركيب البنائي النفسي للشخصيتين جاء منظما ... وخادما للنص خير خدمة ...




نقطة أخرى تستحق الذكر ... وهي جودة المزج بين العبارات المنطوقة في الحوار بين أبطال النص ... وبين الخواطر المارة في ذهن البطلة ...

وهي واحدة من العلامات التي تميز أسلوب الكاتبة ...



********************



ربما يقل النص قليلا فيما يجود به من تشبيهات و محسنات بديعية ... ولكن هذا لم ينقص جودة النص في رأيي ... ولكنه أفاد في جعل النص لمحة حقيقية واقعية ...

استخدام التقابل المرتجل في ( مقطوطة ) و ( مكلوبة ) ... وكذلك في الصور الموجودة في ذهن القارىء العربي عن وفاء الكلاب و خيانة القطط جاء جميلا ...

بل طبيعيا إلى حد كبير ....



وإذا جاء ذكر الطبيعية .. أجد من المحتم أن أمر على القضية الشائكة الشهيرة : استخدام العامية ..


على الرغم من عدم ميلي للعامية لكن في الحقيقة - والاعتراف بالحق فضيلة - كان تلقائيا استخدام العامية في النص ... وساعد هذا على تقريبه من القارىء بشكل ما ..


فقط أرى أن افتتاح النص بعبارة عامية تحوي سبابا صريحا – وإن كان واقعيا نسمعه في كل مكان – جاء مؤذيا للقارىء بشكل ما ...



الخاتمة في النهاية جاءت معبرة وغير متوقعة على نحو ما ... ربما متوقعة بالنسبة للبعض ..

ولكن الجمع بين كل الأوتار في النهاية في لوحة واحدة ختامية لها معاني عديدة جاء خلابا فاتنا لو جاز التعبير ..



هل تتنبأ الكاتبة في الصورة الختامية بموت الطيبة يتبعها انتهاء الوفاء ؟؟

أم نتذوق معها تلك المتعة الحريفة للشجن المتمثل في الوفاء لكل من فقدناهم ؟؟



***************



في النهاية لا يسعنا سوى الاستمتاع بالنص الجميل ... المليء بالشجن نوعا ... والتلقائية و الطبيعية كثيرا ...


ونتمنى نصوصا أخرى أكثر روعة و بهاء و جمالا ... ومعزوفات أخرى من الجمال الرفيع ...



ومع تمنياتنا للكاتبة بمزيد من التقدم ...




مهند محمود
6 اغسطس 2008





اتمنى ان تعجبكم جميعا ........