الأربعاء، ٢٨ أكتوبر ٢٠٠٩

قراءة ادبية لكتاب ( 59 ليست اقل من 60 ) للاستاذة / سامية ابو زيد ..




نجد التعريف بالكاتبة تحصيلا حاصلا ... فالاستاذة / سامية ابو زيد اسم غني عن التعريف ...

الاسم ذاته يزين العديد من المقالات و المطبوعات ... وعددا فلكيا من الاعمال و القراءات و الدراسات على شبكة الانترنت .. في مواقع عديدة و من خلال مدونتها ..

وتمت استضافتها ايضا في عدة برامج تليفزيونية ... وعضوة دائمة للندوات و اللقاءات الثقافية ...


تميزت الكاتبة دائما بثقافتها اللا محدودة في عدة مجالات .. فتارة هي ناقدة لغوية لها لمساتها الادبية التي لا مثيل لها ... وتارة اخرى قاصة لها عالمها الرحيب و الذي تبدو بعض لمحاته الانسانية من خلال قصصها ..

ودائما هي مفكرة باحثة في دروب العلم ..

واليوم يتحدث قلمها عن احداث عالمنا السياسية ...



*********************************************************************

ان احوال عالمنا السياسية هي الشغل الشاغل لكوكبنا بأسره ... وصار العالم يتابع التقلبات الدولية بشغف فاق الاهتمام بالاقتصاد و الكشوفات العلمية ..

كيف لا و قد صارت السياسة هي المتحكم الحقيقي و الوحيد في اقتصاد الدول ... وصارت المحرك الرئيسي لمصائر الشعوب ...

يحكي الكتاب عن بقعة ملتهبة من العالم صارت محل انظار الجميع على اختلاف ردود الفعل ...

فمنذ بداية الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين عام 1948 .. وبدأت مأساة قومية عربية تدمى لها قلوب كل عربي من المحيط الى الخليج ..

بل و بعض الشعوب الغربية ايضا ..

ويرمز اسم الكتاب لتاريخ بداية النكبة ( منذ 60 عاما تقريبا ) .. ويشير اشارة بليغة الى الامس المليء بالالم الذي لم ينتهي في الحاضر ..
ويتنبأ ببعض الظواهر في المستقبل ...


وهذا من خلال مقالات الكاتبة في هذا الصدد .. والتي تتراوح بين القدم و الحداثة .. وبعضها لم يكتب له النشر ..
***********************************************************************
بشكل عام .. قام الكتاب بعملية رصد دقيق مؤرخ لمجموعة من الاحداث الهامة و التي جرت في غضون الاعوام الستين الماضية ..

وقد قامت الكاتبة من خلال هذا التأريخ بالقاء الضوء على عدة عناصر مهمة ارتبطت بالاحتلال الاسرائيلي ..




بدأ الكتاب بمقالة ذات عنوان شيق :
" الزيتون لا يلقي حجرا "

واشارت فيها الكتابة الى امتداد تأثير تصاعد الاحداث في هذه البقعة الملتهبة على العالم كله .. والمنطقة العربية بالذات .. وانتشار التلوث و الامراض و نقص الغذاء ..

" مع التطور الجديد لفيروس انفلونزا الطيور وما سبقه من جنون البقر ، والحمى القلاعية للمواشي ، ونفوق الثروة السمكية نتيجة للتلوث ، الخوف كل الخوف ، ان يصبح الانسان هو الكائن الوحيد الصالح للأكل في ظل الغباء الذي يحيط بالعالم والفوضى التي تحدق به من كل جانب .. "





وتلتها مقالات مثل : ( قوانين نيوتن .. والانتفاضة ) و ( صرخة شقائق النعمان ) بغير ترتيب ...
فكانت المذابح الاسرائيلية العديدة .. على مرأى و مسمع من العالم بأسره .. في اشارة صريحة لبعد اسرائيل عن مجرد التفكير في السلام .. وانما الهدف الحقيقي هو ابادة و قمع الشعوب العربية ان امكن ..
" ولنعد معا إلى الوراء لنصل إلى يومنا هذا ونحن نتابع معدلات القتل و الاصابات بين الشرائح السنية المختلفة في الصفوف الفلسطينية لنفهم واقع الأمور ، ولإدراك المقصود تأمل لحظة انتهاء اليوم الدراسي في أية مدرسة في أي مكان في العالم لتجد أن الأطفال دائما في الطليعة لخفة حركتهم وسهولة مرورهم بين الحشود ، وهكذا شهدت الانتفاضة تقدما في أعمار شهدائها بمرور الوقت "





اشارت الكاتبة ايضا الى الاستيطان ... ونوهت الى كونه ( خطة منظمة ) اقرب الى وضع اليد ..

فجاءت مقالات عدة أبرزها ( الانتحار الحقيقي لاسرائيل ) .. مليئة بالحقائق و الارقام المؤيدة لاستحالة اكتفاء اسرائيل باستيطان الاراضي المحتلة فقط .. بل السعي للامتداد على باقي الاراضي و الشعوب العربية ايضا ..





ثم القت الكاتبة بعض الضوء على المعاملات الوحشية التي تعرض لها كل المناهضين للنظام الصهيوني .. والتي لم تقتصر على الشعب الفلسطيني ... انما زادت الى قتل الصحفيين الغربيين ايضا ..
ان مقالة ( ست رصاصات غير طائشة ) تحكي لنا قصة مصرع الصحفي الايطالي ( رافاييللي تشيرييللو ) نتيجة اصابته بستة رصاصات قادمة من نفس الجهة .. نافية تماما اي احتمال للصدفة ..
بل و تؤكد ايضا حقيقة ما يحدث .. من محاولات اخفاء الصورة الحقيقية للتنكيل بكل صور الاعلام ..
وكذلك مقالة ( تساؤلات عن مقتل طارق أيوب ) :

" ولهذا فإن مقتل مراسل الجزيرة كان ارهابا للاعلام العربي الذي اصبح منافسا قويا في الفترة الاخيرة مما يشكل تهديدا لصناعة امريكية رئيسية اي تهديدا للمصالح الامريكية وبالتالي وجبت ازاحته بأي وسيلة كانت من ميدان المنافسة ، فتلك شريعتهم شريعة الغاب حيث البقاء للأنذال "





وايضا تحدثت الكاتبة عن التعامل الاستفزازي لكبار قادة الحركة الصهيونية و رؤساء الوزارات ... واهتمت بالاستدلال على النية الحقيقية لهم .. في مقالتها ( الوحدة العربية القاتلة ) :
" هل هناك وقاحة أشد من اتهامنا نحن الساميين الحقيقيين بمعاداة السامية من قوم لا يمتون للسامية بصلة ؟
وكل دعواهم في ساميتهم مبنية على رجم نبي الله داوود عليه السلام بالزنا بجارية خزرية أنجبتهم !وهو ما يستحيل تاريخيا نظرا لتهود هؤلاء الأدعياء بعد موت النبي داوود عليه السلام بما يقارب السبعة عشر قرنا من الزمان .. "





وعرضت الكاتبة ايضا بعضا مما تنقله ابواق الدعاية الصهيونية في محاولة دائمة لتشويه الحقائق امام العالم ... فعرضت ما صرحت به ناخبة اعطت صوتها ل ( شارون ) :

" الهنود الحمر كانوا موجودين في القارة الامريكية فبل الرجل الاوروبي وكانت هذه ارضهم ، ثم جاء المستعمر الاوروبي فأبادهم و أخذ الارض لنفسه فصارت الولايات المتحدة الأمريكية ، كذلك دولة اسرائيل التاريخية يجب أن تقوم هكذا و بنفس الطريقة "


من مقالة ( ريموندا .. بيت لحم .. ثاني مرة ) ...

***********************************************************************
ربطت الكتابة في مقالاتها ايضا كل ما سبق بأحداث الحاضر ...

والقاريء المدقق يقف مصدوما امام الحقائق التي وضحتها الكاتبة ... ونجحت في براعة مطلقة في لفت النظر اليها ..

اول و ابسط هذه الحقائق يتمثل في تزايد الاعمال سالفة الذكر ..

فمن خلال الاحصائيات و التواريخ التي ذكرت بالكتاب ... نجد ان الممارسات الصهيونية تزداد بعجلة تزايدية متسارعة ..

وهذا المصطلح الرياضي يعني زيادة سرعة الحدوث ... وتناقص الفترة الزمنية بين كل حدث و اخر ...

حتى اصبح الفارق بينها لا يتجاوز سويعات .. !!




تحدثت الكاتبة ايضا في مقالتها ( هل انتهت الحرب .. وبدأ الاحتلال ؟؟ ) عن حقيقة اخرى هي زيادة الجرأة الصهيونية ... بسبب الصمت العربي المخزي ازاء ما يحدث ..





وكذلك الدعم الامريكي لاسرائيل ... باعتبارها الاب المتبني للكيان الاسرائيلي .. دعما سياسيا و اقتصاديا ...
والاهم دعما عسكريا بأحدث الاسلحة و المعدات .. لتعمل فتكا و تنكيلا في الشعب الفلسطيني ... فقالت في ( استثمار الدم الامريكي ) :

" اضف الى هذا و ذاك اهتبال اسرائيل الفرصة للعربدة في فلسطين و التوغل في الاراضي الواقعة تحت الحكم الذاتي الفلسطيني والاعتداء على المساجد في الخليل وانتهاك مهد المسيح عليه السلام و اراقة المزيد من الدماء العربية ، ولا من شاف ولا من دري وإن دري فلا وقت لنا ف ( ماما امريكا ) مشغولة الآن بضرب البعبع "




ناهيك عن الدور الواهي لمنظمات حقوق الانسان وصوتها الذي يتضائل الى جوار اصوات القنابل و صرخات المعذبين العربية ..




في مقالة ( من هو شمشون هذا الزمان ؟؟ ) اثيرت نقطة ثالثة جديرة بالذكر هي التغلغل الواضح للكيان الصهيوني في الانظمة العالمية المختلفة .. واتساع رقعة الاقناع والاقتناع بالدولة الاسرائيلية ...

فقد انتشرت العناصر المؤيدة للصهيونية - صراحة او من وراء الستار - في العديد من المواقع الدولية الحساسة ... وصار من التقليدي جدا عدم الالتزام بالقوانين و الاعراف الدولية ..

بل ان المدهش حقا هو الالتزام بأي منها ....!!





نقطة اخرى اثارتها الكاتبة ... وهي بداية الصراعات الداخلية الفلسطينية ... وبداية الخلافات على السلطة ... والتي تمثل فرصة عظيمة للاحتلال الاسرائيلي لضرب النظام الفلسطيني في مقتل ..

فبعد حصول بعض المناطق على الحكم الذاتي .. بدأت القلاقل والخلافات بين بعض الجهات و اشارتها لاحقيتها في تولي زمام الامور ...


************************************************************************
واخيرا و ليس آخرا اهم نقاط جودة الكتاب ... وهي محاولة قراءة المستقبل على ضوء الماضي و الحاضر ..

فتختم الكاتبة كل مقالة بملاحظاتها و تصوراتها عن الاحداث القادمة وقابلية - او عدم قابلية - الاستراتيجيات الحالية للوصول الى حلول لاكبر مأساة تاريخية معاصرة ..

ان مقالة ( تسعة و خمسون ليست اقل من ستين ) هي مسك الختام .. وخير تعبير عن حقيقة ان العالم العربي في حاجة لان يستفيق .. والا فأن كل ما حدث هو - فقط - مجرد بداية لوقائع اكثر رعبا .. ونهاية محتومة في ظل الصمت والاستسلام ..







وختاما تجد التحية واجبة للكاتبة على المجهود الذهني الفذ ... وعلى المجهود البدني المجهد المبذول في تجميع المقالات و حصر التواريخ و رصد الاحداث على مدى ستة عقود ...





شكرا أ / سامية ابو زيد ..



مهند محمود
7 يوليو 2009

الثلاثاء، ٣ مارس ٢٠٠٩

( في مواضع كثيرة ) ... الروعة في خواطر ( رحمة ) ...



مدونتي .. من جديد ..


منذ فترة اهملتكِ ..


لعلها خطوب الحياة ... او تلك الاحباطات المتتالية هي ما تجعل الحياة تتوقف ..


او ربما نحن من نختار ان نتوقف ... وننتظر ما تحمله لنا الأقدار في صبر ..



لكن ما اعادني هنا كان خاطرة .. قرأتها لي الصديقة ( رحمة ) ذات مرة .. والعجيب ان هذه الخاطرة بالذات ظلت في ذهني ... تتكرر مرارا و تكرارا كموسيقى داخلية ...



ترى ما السبب ؟؟؟


هل لانها لمست وترا معينا في اعماقي ؟؟


ترى هل لأنها جاءت بمصادفة في وقت كنت احتاج فيه الى شيء من التشجيع .. كي تذكرني بالكثير مما نسيته و فقدت الأمل فيه ؟؟



الصديقة ( رحمة آل خليفين ) من سلطنة عمان .. تمتلك قطعا ذلك الحس المرهف الذي يأخذ صاحبه - ونحن معه - الى عوالم اخرى غير مسبوقة ..


ومن يدري ...


او تمتلك عينا الموهبة اللتان تريان آفاقا اخرى ...




تقول ( رحمة ) في خاطرتها :






في مواضع كثيرة تختلط الأشياء يبعضها ، تتلاطم الأفكار وتتشابك وتتعقد مع بعضها البعض ، وتقف عاجزة وترفع راية الاستسلام بكل روح رياضية وقد تبقى هكذا دهورا والى الحلقة الأخيرة من أعمارنا.


في مواضع كثيرة تتجمد أقلامنا ويجف حبرها وما نخطه بها لا يتجاوز نقطة قي بداية السطر ، قد تحدث خرقا نظل ندفع ثمنه طوال حياتنا وموتنا أيضا .

في مواضع كثيرة يتهيأ لنا إن عقولنا تتفتح و تتفتح لحقائق ظللنا طويلا نعتقد بجزم إننا لم ولن نعيها ................. وتدور عجلة الزمن فنفجع إننا لا نعي شيئا سوى.................................................


في مواضع كثيرة تهمس ذواتنا بحب الحياة وتحن إلى الحب ويااسفاه إن بقيت الأحلام أحلاما


في مواضع كثيرة لا نضع لأمنياتنا و خيالنا حدودا ونظل نهيم في فضاءات واسعة لسنا بالأغبياء ولكن هل يجب أن نقنن الأشياء؟؟؟؟


في مواضع كثيرة نعيش في حيوات مختلفة وأزمنة مختلفة قد تتعارض الحيوات مع الأزمنة فيا ترى كم عشنا من الزمن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


في مواضع كثيرة نمارس المازوشية في حقوق ذواتنا وقد نصل بها إلى حد الإنهاك والإعياء ولكنها حتما وفي جميع الأحيان تطبق معنا مبدأ المساواة ......... فيا ترى من نحن ومن ذواتنا ؟؟؟


في مواضع كثيرة يخطف الآخرين منا أهم لحظات حياتنا أو على الأقل هكذا يخيل إلينا ولكننا ندرك لاحقا انهم هم السبب في ولادة تلك اللحظات..... فشكرا للآخرين


في مواضع كثيرة يجعل التعليم منا اغبياء وآلات مسيرة لا أكثر لكنة يهدينا فرصة فريدة من نوعها لممارسة عادة التذمر وصقلها.


في أحيان كثيرة نرفض أمورا عظيمة ونتعصب لأخرى وفي ابسط المواقف تأزما نتنازل عن جميع معتقداتنا في برهة


في مواضع كثيرة نقرا قليلا ونتحدث كثيرا ولا نطبق أبدا


في مواضع كثيرة نضحك كثيرا ونبكي قليلا ونتألم حد الموت


في مواضع كثيرة نسير بلا هدف ونتوقف بلا هدف ونواصل المسير بلا هدف


في مواضع كثيرة نلتقي بآخرين يشبهوننا كثيرا ويختلفون عنا أكثر


في مواضع كثيرة نخلط بين أحاسيسنا و توقعاتنا وتختلط الأمور ببعضها ولكن تبقى هناك لذة الجهد المطلوب في الفصل بين الاثنين


في مواضع كثيرة نكتب ونكتب ونكتب فقط لأننا نريد أن نكتب


5\11\2008




ربما كان عبثيا ان اتحدث عن مواضع الجمال الكثيرة جدا في خاطرة ( رحمة ) .. والتي تبدو واضحة جلية ..


لكن من اللافت للنظر ذلك الدمج الجيد بين اللغة و العواطف .. في مزيج يكاد يكون شعريا ... لكنه - بحق - بالغ الشاعرية ...


ايضا كتبت الخاطرة على هيئة عبارات سريعة خاطفة ... لكنها - في رأيي - تترك أثرا لا يختفي سريعا ... ويدفع القارىء الى التأمل فترة في بعض العبارات التي تثير الانتباه .... والشجن ..



اجادت ( رحمة ) ايضا وصف العديد من اللحظات العاطفية التي تمر بنا جميعا في عدة مواقف .. وبعضها يأتي و يمر سريعا دون ان نلاحظه احيانا ...



بعضا من عبارات ( رحمة ) كانت بهيئة التساؤل الحائر ... الذي يقرر حقيقة قد نراها فقط بركن اعيننا ...


او قد لا نراها ابدا ... لكننا نحسها ..



من مظاهر الجمال ايضا في الخاطرة اظهار التناقض في عدة مواضع تجمعها عبارة واحدة .. وهذا ابلغ الطرق للتعبير عن الحيرة .. او الشك و اليأس في بعض الأحيان ..



بعض العبارات كانت اقرب لابتسامة حزينة ... لمن لا يجد امامه سوى الابتسام ... و الاستسلام ..








بشكل شخصي لمست خاطرتك الكثير يا ( رحمة ) ...


سأظل اذكر هذه الكلمات طويلا ..


وربما اطول مما اظن ...